"تحقيق غير كاف"..

-

<font color="تحقيق غير كاف".." width="640" height="376" onerror="this.onerror=null; this.src=document.getElementById('broken_img_alt').value">
فرد نائب رئيس الأركان، الجنرال دان هارئيل، أمس الأول، أمام الجمهور والإعلام، نتائج التحقيقات الميدانية التي أجراها الجيش الإسرائيلي في أعقاب الإصابات التي وقعت في صفوف الفلسطينيين وبأملاكهم في عملية "الرصاص المصبوب". حيث برزت في أقواله لهجة الفخر الذاتي في أمرين – التحقيق نفسه، وفحوى التحقيقات.

بحسب رئاسة الأركان، وكذلك وزير الأمن إيهود باراك الذي سارع إلى مباركة النتائج، فإن جيش الدفاع الإسرائيلي ليس الجيش الأكثر أخلاقية في العالم فقط، إنما الأكثر تحقيقا معه من بين كل الجيوش. إنه لا يخشى الكشف عن نقاط ضعفه، داخل جدران بيته على الأقل، لأجل إصلاح أخطائه التي يتضح مرة بعد أخرى أنها أخطاء ليست كثيرة.

لا حاجة هنا لإثارة نقاش حول مصداقية القرار لشن حملة عسكرية واسعة على غزة، والطريقة ومدى قوة النيران التي استخدمت في العملية. فمحاولة تقليل الإصابات بين صفوف أفراد الجيش يجب ألا تشكل ذريعة لإصابات عشوائية وغير مسؤولة ومتسرعة بالمواطنين. فحتى بحسب معطيات الجيش، التي عرضها نائب رئيس الأركان، فقد قتلت قواته بالتأكيد 295 مواطنا فلسطينيا إضافة إلى 162 رجلا لم يتم تمييزهم كنشطاء إرهاب. إنه ثمن ثقيل من الدماء، لا يمكن تبريره بالإدعاء إياه بأن المنظمات الإرهابية الناشطة من قلب السكان المدنيين هي المسؤولة الوحيدة عن معاناتهم. ومن الصعب قبول الإدعاء بأن قتلا كهذا إنما حصل بسبب أخطاء واستثناءات معدودة ومن خلال المحافظة على "مستوى أخلاقي ومهنية عاليين" بحسب أقوال الجنرال هارئيل.

إنها حقيقة، أن مقاتلين ممن شاركوا في العملية، وليس مراقبين إسرائيليين وأجانب فقط المتهمين بالتلون وبمحاولة إيجاد التبريرات، قد ثاروا لما رأوه وسمعوه، بل فعلوه أحيانا في غزة. هذه الثورة، التي يرفضها الجيش ويحاول تقزيم القائمين عليها، تم النشر عنها في "هآرتس" بواسطة عاموس هارئيل وقد أثارت عاصفة. إن عرض نتائج التحقيقات بدت كمحاولة دفاع متأخرة، ولأن كبار العسكريين والمسؤولين الحكوميين يخشون أيضا من اتخاذ إجراءات قضائية ضدهم وراء البحار.

لقد حقق الجيش مع نفسه وبرّأ نفسه. وبحسب رؤيته، فقد كانت هنالك سقطات واستثناءات، لكنها قليلة مقارنة بحجم النشاط (العسكري) في غزة. لقد صدق الفلسطينيون هذه المرة، يعترف الجيش باستقامة متأخرة، في ادعاءاتهم عن إصابات غير مبررة في صفوف المواطنين، مثلا في الحوادث التي كشفت مراسلة هآرتس عميره هس عنها. أو فيما يتعلق بإطلاق ذخيرة الفوسفور، والتي اعترف الجيش بها متأخرا وبعد إنكار متكرّر.

إن القطيعة بين المستويات العليا والأنفار هو أحد معطيات تحقيقات غزة المقلقة – وهي القطيعة التي برزت من خلال نقاش جنود العملية، والذي جرى في الكلية التحضيرية على اسم اسحاق رابين والذي تم نشره في هآرتس. ففي تل أبيب، في المستويات العليا، وفي قيادة الجنوب في بئر السبع، جرت عملية ترتيب الأفكار والتخطيط والتوجيه، لكن في الطريق إلى الأسفل فإن السياسة تذوب، ويسود الأوامر والتعليمات ضباب يخربط التنفيذ. لا توجد أية إشارة أن جيش الدفاع قد تحسن في هذه الناحية منذ أن حارب في لبنان في صيف العام 2006. إن طموح وزير الأمن باراك، ورئيس الأركان، غابي أشكنازي، بترميم جيش الدفاع ما زال يستصرخ تنفيذا كاملا أكثر.

التعليقات